مشكلات مرحلة الشيخوخة | مشاكل كبار السن | عيادة استرخاء
مشكلات مرحلة الشيخوخة
بقـــــلم :
| ||||||||||||||||||||||||||||||
المُسن هو الكبير سناً الذي تقدّم عمره ورافق ذلك عجز عن القيام برعايته ذاته وخدمتها ، وأصبح يعتمد على الآخرين ، وهذا يتسبب في إحداث مشكلات نفسية لديهم ، وتنعكس هذه المشكلات على أفعالهم وردود أفعالهم في المواقف الحياتية ، مثل الانتقاد لأي شئ أو التعصب لأتفه الأسباب ، والمبالغة في تقدير حجم المشكلات التي تحدث من حين لآخر ، وعلينا الآن أن نذهب إلى توضيح كل هذه المشكلات وتسليط الضوء عليها ، كون ذلك يساهم في فهم طبيعتهم الفكرية والسلوكية مما يساعد في التقليل من التصادم معهم أو الضغط عليهم بدون قصد ، وأيضا وقايتهم من الدخول في محفل اضطرابي كبير يقلب مزاجهم ويدخلهم في نوبات مرضية حادة.
1. مرحلة المعاش:
هي مرحلة بداية الأزمة التي يواجهها المتقاعد الذي اعتاد على حياة بنمط معين ، يستيقظ مبكرا يذهب للعمل ، وبما أن العمل بيته الثاني ، يعرف أخبار زملاءه وهم يعرفون أخباره ، يتشاركون في الكثير من الأحاديث والأعمال ، وفجأة يجد نفسه في منزله يفتقد لكل ذلك ، ومطلوب منه أن يتكيّف مع الوضع الجديد والذي يجعله أكثر يأسا وعصبية ، ومع الوقت يكتشف أن منزله الذي يجمع أسرته ، زوجته وأبناءه ليس كما كان يعلم ، يبدأ بالتدريج يتعرف على أسرته التي لم يعلم عنهم الكثير ، ربما لانشغاله بالعمل ، أو رغبة منهم أن لا يزعجونه ، أو لأنه يترك الأمر على عاتق زوجته ، وبعدها ينتقل إلى الاكتشافات والمفاجآت ؛ ليجد أنهم قد أخفوا عليه الكثير ، ويجد من أبنائه سلوكيات غير التي كان يراه سابقا ؛ لأن الأبناء كانوا يهابون ساعات تواجده في المنزل ، ويفعلون في ساعات غيابه في العمل بكل حرية ما يرغبون في فعله ، لكن الآن الأمر أصبح واقعًا بأن الأب متواجد طيلة الوقت ، فيجدون أنهم يجب أن يعتادوا على ذلك ويفعلون ما يرغبون في فعله أيا كانت العواقب.
2. مرحلة التهميش:
يتم تجاهل وجوده من المحيطين ، وغالبا لا يستمعون له ، ولا ينفذون قرارا يتخذه أو رأيا يقوله ، ليشعر أنه أصبح خارج نطاق اهتمامهم ، وفقد السيطرة عليهم ، وأن تقاعده هذا جعله أقل أهمية في نظر أسرته ، وهذا الأمر يجعله يفتعل أشياء تبدو للبعض أنها تافهة لا تستدعي كل عصبيته هذه ، وكثيرا ما ينتقد كل ما يراه حتى لو كان الأمر لا يحتمل نقدا ، ويتسبب في إحداث مشكلات من حين لآخر ، ربما يعتقد البعض أنه بسبب الفراغ الذي هو فيه حاليا ، والآخر يعتقد أنها سماته التي لم يعرفونها عنه مسبّقا ، لكن الحقيقة هو يحاول أن يوجد لنفسه دورا وسطهم ، محاولة منه لكي يتخطى عملية التهميش التي يقومون بها تجاهه ، لكن الأمر في واقعه أنه يحاول أن ينجو من اضطراب نفسي مثل الاكتئاب الذي يتسبب فيه هذا التهميش.
3. مرحلة سحب الدور:
المتعارف عليه أن الأبوين هم من يُطلب منهم كل شئ لأننا بحاجه إليهم ، ولكن في هذه المرحلة يكون المسن (الأب) لا يملك المال كما كان في السابق ، أو ربما أصبح الأبناء كبار بما يكفي ليتحصّلوا على المال من عملهم الخاص ، وكذلك (الأم) التي باتت غير مطلوبة ، لأن الأبناء كانوا يبحثون عنها في كل مكان لحاجاتهم إلى الطعام أو الملابس ، لكن بعد أن يتزوجوا الأبناء تصبح زوجاتهم مسئولات عن كل ذلك ، بينما في حالات أخرى ربما تأخذ الأم دور الأب كما لو كان ليس على قيد الحياة ، وذلك لمجرد أنه أصبح لا يتربح المال كما كان في السابق ، وهذا يخلق نوع من التبديل في الأدوار ، لتصبح المرأة الحاكم الآمر في البيت ، ويجد المحال على المعاش لا جدوى له ولا لوجوده وعليه أن يقبل بذلك ، لأنه ليس لديه ما يعينه للتغلب على وضعه المرفوض.
4. مرحلة الافتقار للعلاقات:
تقل العلاقات والحلقة تضيق يوما بعد يوم في مرحلة كبر السن ، لأن الحركة تقل ؛ ومن هم في نفس المرحلة العمرية تشتت حضورهم ، فهناك من توفاه الله ، وهناك من أصيب بمشكلات صحية تتعلق بالذاكرة مثل الخرف أو ألزهايمر ، وهناك من يجلس في دار مسنين أو في أدوار الرعاية الصحية ، بجانب أنه لا يتفق مع الجيل الأحدث منه لا فكر ولا موضوعا ، كل ذلك يقلل من حلقة العلاقات لديه حتى تنعدم في فترة قليلة ، مما يؤثر على نفسيته لافتقاده من يشاركه الحديث والرأي أو حتى من يتذكر معه ما سبق من ذكريات.
5. مرحلة الشعور بالوحدة:
بعد أن تم تهميشه في أسرته والمحيطين به ، وبعد أن يفتقر للعلاقات ، يجد نفسه وحيدا ؛ شارد في أفكاره السلبية التي تطارده لحظة بلحظة ، بأنه أصبح ليس له أهمية ولا جدوى لوجوده في الحياة ، وأن الحياة سيئة لأقصى مدى ، والبعض منهم يرى كوابيس في نومه ، وينام وهو جالس في نهار الأيام ، يُترك بمفرده لوقت طويل ، ولا يسأل عنه أحد وأحيانا يمر أمامه الجميع ولا يسلم عليه أحد أو يسأله كيف حاله ؟ ، ليجد نفسه في دهاليز الوحدة رغم وجوده بينهم ، وما أدراك ما شعور الوحدة وأنت بين الجمع؟ .
6. مرحلة العزلة والفراغ:
يختار العزلة التي يرى أنها أنسب حل ، وهي مرحلة الاكتئاب التي أمست لديه كأسلوب حياة ، ويظل يتابع تفكيره ويستعيد ذكرياته ، ولا ينصت لأحد ، ولا يندمج إذا اتيحت له فرصة الاندماج بالمحيطين سواء في جلسة حوار أو مائدة طعام ، ربما ينسى طعامه وشرابه لفترات طويلة ، ويظل في مكانه داخل غرفته المخصصة له ؛ أو مكانه الذي يراه هو الشئ الوحيد الذي يملكه بعد الوقت الذي يضيع هباءً.
7. مرحلة الاستعداد للرحيل:
يقتنع بأنه الآن قد أدّى دوره في الحياة ، وأنه راحل قريبا لا محال ، بل وبداخله يتمنى التعجيل ؛ لأن الجميع لا يرغبون في وجوده أو بقائه ، ويصاب في هذه المرحلة بشعور أنه مستسلم لأي مرض ، لأي تعب ؛ ويتوقع كل يوم أنه يومه الأخير ، وكلما استيقظ في اليوم التالي ووجده نفسه مازال على قيد الحياة ؛ ينزعج جدا ويسأل الله أن يُعجّل برحيله ، وهنا فعليا يصل لأعلى درجات أزمة نهاية العمر ، لا يبالي لأحد ؛ ولا لشئ.
· كل هذه المشكلات لها العديد من الخطط العلاجية التي تناسب كل شخص (مُسن) وسوف نتناول هذه الطرق في مقالات أخرى ، لشرح ذلك بكل التفاصيل الممكنة.